...كأس من المُر..
(مادت بنا الأرض أم مادت رواسيها)
يامشعل النار قلْ لـي من سيطفيهـا
ليت السماء على من تحتـها وقعـتْ
وانجالت الأرض وانجالت بمن فيها
قدكان لي في حمـى الآدابِ أغنيـةً
كـم كان قلبي طروباً في تهجيـها
لـما نويـتُ اقترابـي بين أنغُمـهـا
وجدت غيـري على قهرٍ يُغنيــها
والحب منهُ أناة الروح نشرحهـا
بداية ليـس يدري المـرء تاليــها
كنا على ضفة الأشواق يجمعنـا
واليـوم تـذريْ فؤادينـا روابيـها
قلبي على جذوةِ الحرمان متقدٌ
وألـف آهٍ علـى النيـران تذكـيهـا
وألـف لُغْـمٍ ورمـح بين أحشـائي
تفجرت من طـعانٍ لست أحصيها
وألف كـفّ من الخـذلان تخنـقنـي
نفسي تموت ولامن سـوف يحميها
لما عشقتُ حملتُ الأهل أخطبهـا
زكيتُ نفسي ومـن أهوى أزكيهــا
فكـان مالم يـكن للصبـر يحملــهُ
وما تنوء قلـوب الخلـق تطويـها
جاء البشير بأن قد تم خطبتـها
جبـراً وقصـراً وإكراهـاً لواليــها
والبنت تبكي بكاء المرغم الثكلى
بكاء من لو رأها بات يبـكيهـــا
علامَ ذا الظلم والإكراه وا أسفي
أيـهدم القلعـة الشمـاء بانيهــا..؟
أنـا غريـبٌ أريبٌ ميـّتٌ سَلَفــاً
ولمْ يعـدْ لي سوى دمعي أجاريها
لو كان لي مال قارون وقد رغبوا
بالمال هذي كنوز الأرض تفديهـا
لو كان لي عصمةُ القُربى وثبتُ لها
مـن كل جنٍّ وإنسٍ كنـت أحميهـا
لكن تضيق على حُرِّ الطبـاع كمـا
تضيق من كـلّ شاهينٍ سـوافيها
وما على الحُرّ من عتْبٍ على غصصٍ
أتتْ بكأس المنايا مُـرَّ حاليهـا
يقول أهلاً بكأس المرِّ نشربـها
وألف أهلاً بهذا الموت ساقيها
...عبدالله عبدالكريم العلفي...