أقصوصة: الدعاء..
نظر إلى البومة في القفص وابتسم طويلا.
ثم أدار محرك السيارة وأقفل راجعا نحو
البيت.. اليوم قد تنتهي الأسطوانة التي
عمرت سنوات..كم تشاجر مع زوجته
بسببها..حماته لم تكن تتوقف عن الدعاء
لنفسها بالموت، بل وتهدد بوضع حد
لحياتها كلما لم يستطع تلبية طلب من
طلباتها الغريبة. وها هي زوجته اقتنعت
أخيرا أن أمها غريبة الأطوار لا تطاق..
ولكنها مع ذلك توسلت إليه وناشدته
المزيد من الصبر والتحمل.
كاد الليل ينتصف عندما وصل إلى
المنزل .. فتح الباب وهو يغني على غير
عادته ليجد حماته تعيد نفس الدعاء
اللعين. أخرج من تحت معطفه القفص
ووضعه فوق جهاز التلفاز الموجود بالصالة
التي انفردت بها الحماة كمستعمرة خاصة.
حركت البومة رأسها وكأنه كرة تستدير
في كل اتجاه..ثم استقرت عيناها
الغريبتان على العجوز. ارتبكت الحماة
وبدأ خوف غريب يدب داخلها. سألته
بنبرة فيها لطف وتودد لم يعهدهما فيها
منذ سنين خلت:
ما هذا الكائن الغريب؟ ولمن جئت به؟
ابتسم وقال: حماتي العزيزة، طالما كنت
تتمنين الموت.. هذا هو الموت جئت به
إليك.. هذه كورونا صديقتك ستحرسك
الليلة وهي تعرف كيفية فتح القفص.
خيم صمت القبور داخل البيت حين ترك
الزوجان المرأة لتنام دون إطفاء المصباح
كعادتها، واختليا في غرفتهما..
عندما بدأ النوم يتسلل إلى أجفانهما،
سمعا صوتا خافتا بدأ يرتفع شيئا فشيئا
من الصالة. قاما وسارا فوق البنان بكل
هدوء وشرعا ينظران من النافذة
ويبسمان.
كانت العجوز مكومة في الركن وهي
تخاطب البومة متوسلة:
ها العار أكرونا ؛ سيري لزوج بنتي الذي
جاء بك..ها العار.. هو دائما كان يتمنى
الموت ويدعو به ..
د.العلمي الدريوش