( قصة قصيرة : تصحر ) الأديب : أحمد إسماعيل

تصحر


المكتب غارق بالفوضى، ورقة تسرح هناك، و ورقة تختبئ هناك،

واليراع يعاند رؤوف، لا يسمح له بمتابعة روايته " بقعة ضوء"

رؤوف يتمتم  مستغربا : مابال الذكريات اليوم ، لم كل هذا العقوق،

ينظر إلى صورة حبيبته  صباح....

يقترب منها...

يسألها:  لم أنت صامتة اليوم، هل هاجمك برد الحنين؟

آنا آسف لأنني تركتك للحظات،

تعالي معي سأعد لك القهوة التي تحبينها و أرسم على وجهها سخونة ضحكتك ،

ببساطة هي الوحيدة التي تعيد التوازن لجفاف روحي،

ههههههههههه

كنت أخفي هذا الأمر ،

لا عليك قولي عني غليظ...

ههههههههههه

القهوة جاهزة،

هاهو  فنجانك الأبيض المزين بقبضة الفراشة،

أنظر إليه  ضاحكا و أنا متيقن من العقاب الشديد الذي سيتلقاه و هو يقبل شفاهك،

دعيه يذوق و لو  جزءا من لوعة صيام اللحظة التي يبتعد فيها عن الجنة،

لحظة.... مابك....

لم كل هذه القسوة؟!

القهوة تحتضر،

صباح مدي يدك الساحرة ، مرريها كما اعتدت على فم الفنجان لتغيظي المشاعر المترددة التي تخاف الإفصاح،

ماذا...

تريدين العودة لغرفة النوم ،

حالا ..حالا...

آسف جدا يا صباح  لأول مرة الحماقة تجعلني أصنع القهوة  بهذا المرار،

الصورة في حضن رؤوف...

يحمل صباح بيديه ، تعلق يديها على رقبته ،

تريد أن تغفو على صدره كسنونوة ضاقت بها الغربة،

يضعها على السرير، يستلقي بجانبها كقطعة خشب تركتها المدفأة دون اشتعال،

عيناه كسماء سوداء بخيلة تغيثه بهطول شحيح ،

قطرة واحدة تسقي صبره و تمضي كغيمة عابرة،

أطبقت جفون رؤوف ،

نظر حوله،

ضوء مبهر يمسك يده ، يأخذه باتجاه العلية،

عتبات الدرج الخشبي عادت لوهجها...

على مهلك يا صباح ،

تغمز رؤوف و تسرع،

صباح .. صباح ...صباح

يصيح رؤوف،

يصعد باحثا عنها،

يتعثر ،

يقع الأرض بسبب كتاب،

يمسكه ليمزقه،

يتمزق رؤوف أشلاء...

إنها مذكرات صباح،

يستيقظ، يقبل اليراع يديه،

تتسابق مشاعره ومضات ومضات على ورق مبلل نسي التصحر.


بقلمي أحمد إسماعيل / سورية

تم عمل هذا الموقع بواسطة